الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين

العرف العشائري في الإصلاح مفهومه ونشأته

من نافلة القول، التقرير أنه منذ نشأة التجمعات البشرية، برزت الحاجة الى ترتيب
التوافق والانسجام بين أفراد تلك التجمعات، إثر أي خالف، لتعارض المصالح، وتفاوت
القوى.
في المجتمعات العربية
وقد برز ذلك جليا – على امتداد الوطن العربي عامة – وهي ً
بذاته، تعالج
قائماً
مجتمعات قبلية في أصلها. وكل قبيلة كانت تعتبر نفسها كياناً مستقالً
قضاياها من خلال شيخ القبيلة ووجهائها، بما لهم من تأثير وتقدير واحترام يحظون به
لدى أفراد قبائلهم.
وقد كان لشيوخ القبائل والوجهاء الدور الفاعل في فض النزاعات والخصومات،
ونشأ من هذا الدور عادات وتقاليد في كل قبيلة حتى أصبحت مع مرور الزمن قواعد
لها أساليب معينة وآليات
معتمدة في فض النزاعات،تعارف الناس عليها وغدت أعرافاً
عمل توارثتها الأجيال في كل مجتمع .
ورغم تقارب مظاهر العادات والتقاليد والأعراف في مجتمعاتنا العربية، إلا أن لكل
مجتمع منها خصوصيات وملامح تميزه عن غيره ،كما تتميز الوجوه بيننا في ملامحها.
وعليه يمكن القول أن عاداتنا وتقاليدنا في إصلاح ذات البين في المجتمع الفلسطيني
الذي هو مدار بحثنا رسمت صورة خاصة للعرف العشائري في الإصلاح الذي نتداوله
اليوم .
لكل من:
أو تعريفاً
ومن أجل التوضيح نحاول أن نقدم تصوراً
أ. العادات
ب. العرف
ت. العرف العشائري
15
العـــــــــــادات:
أو جماعات، أو ما
هي ما اعتاد الناس عليه من سلوك في حياتهم اليومية أفراداً
يجري به التقليد في نمط العيش والمأكل والملبس.
وهذه العادات إذا اطردت وتواتر عليها الناس وأصبحت مقبولة لدى الغالبية منهم،
فإنها تشكل قاعدة يتم التعامل بها وقد ترقى الى درجة الأعراف الإجتماعية وهناك
عادات حسنة، وأخرى سيئة.


العـــــــــرف:
أو عمالً، مع اعتقادهم بأن هذا
هو ما تعارف الناس عليه من عادات وتقاليد قوالً
السلوك أصبح قاعدة ملزمة لها احترامها، وهناك ضرورة لمجازاة من يخالفها ولو
باستنكار ما فعل .
ويعتبر العرف القاعدة القانونية غير المسنونة في مسألة معينة. وكان المصدر الوحيد
لقواعد التعامل في المجتمع قبل ظهور الدولة وسلطتها التشريعية والقضائية.
وفي الوقت الحاضر يعتبر العرف في المرتبة الثالثة بعد تشريع القانون، وأحكام الفقه
الإسلامي والشريعة الإسلامية.
للقانون هو اطراد سلوك
ومن الجدير بالذكر أن العرف الذي يعد مصدرا الناس في ً
مسألة معينة على نحو خاص، بحيث تنشأ قاعدة قانونية غير مسنونة شريطة أن يكون
ذلك العرف عاماً وثابتاً ومطرداً، وال يتعارض مع أحكام القانون أو النظام العام والآداب
التي وجد الناس أنفسهم ملزمين باتباعها طبقاً التي هي مجموعة القواعد لناموس أدبي
يسود علاقاتهم الإجتماعية.
والعرف في نظر الشرع نوعان كما ورد في كتاب) علم أصول الفقه- عبد الوهاب
خالف( :
16
أ- عرف صحيح: ،
وهو ما تعارف الناس عليه وال يخالف دليالً شرعياً وال يحل حراماً
أو يحرم حلالًا. وهذا النوع من العرف يؤخذ بعين الاعتبار في الشرع والقانون.
ب- عرف فاسد: وهو ما تعارف الناس عليه ولكنه يخالف الشرع أو يحرم الحلال أو
يحلل الحرام. وهذا النوع ال يؤخذ بعين الاعتبار في الشرع والقانون.
ومن العبارات التي تؤكد أهمية العرف:
المعروف عرفاً كالمشروط شرطا. والعادة شريعة محكمة.
وتجدر الإشارة الى أن الأحكام المبنية على العرف تتغير بتغير الأزمان والظروف
الى ما يوافق مصالح الناس وأحوالهم.
من هنا فقد رغبت الإشارة الى هذه الناحية من التغيير حتى ننبه اليوم إلى ضرورة
تطوير أساليب أعرافنا في إصلاح ذات البين وتخليصها من سلبياتها مع إيجاد بديل
أفضل إذا اقتضى الأمر ذلك.
وال يفوتنا في هذا السياق الدعوة إلى ضرورة إعادة النظر في جميع النظم والقوانين
الوضعية التي تحكم حياتنا اليومية إما بصورة دورية وفق فترة زمنية محددة أو كلما
اقتضى الأمر ذلك لتطويرها إلى ما يوافق مصالح الناس والمصلحة العامة استجابة إلى
مستجدات العصر التي تفرضها سنة التغيير في الحياة .
 العرف العشائري:
هو مجموع العادات والتقاليد والأعراف وآليات العمل بها التي تمارسها العشائر في
شكل قانونا عشائرياً إصلاح ذات البين وهو في جوهره قائم على مبادئ الحق والعدل وأي
غير مسنون وغير مكتوب اكتسب مع مرور الزمن إلزامية التنفيذ من قبل جميع أفراد
الى التزامهم الأدبي والأخلاقي، أي الى ما
المجتمع ذي الصبغة العشائرية، استناداً
أوجبوه على أنفسهم بما يوافق الآداب العامة وقواعد الأخلاق والسلوك المرعية .
17
وهو مجال هام من تراثنا الثقافي وله دور ايجابي في حياتنا كنا وما زلنا في حاجة
ماسة للتعامل به لتسوية الخلافات وحل النزاعات و إيصال الحقوق إلى أصحابها مرة
بالصلح والتصالح وأخرى بالقضاء العشائري من مقاضاة أو تحكيم . ويشكل رادعا قويا
للقانون والشرع في احقاق الحق واقامة العدل وتوفير الأمن والاستقرار في المجتمع ما
يعزز السلم الأهلي.

اقرأ أيضا