جنيف – جاء ذلك في صلب كلمة “شاهر سعد” أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين، التي ألقاها أمام المشاركين في الدورة 111 من دورات مؤتمر العمل الدولي، الذي تنظمه سنوياً منظمة العمل الدولي، بدءاً من 5 إلى 16حزيران 2023م، بمشاركة حكومات العالم وممثلين عن العمال وأرباب العمل.
حيث أشاد في مستهل مخاطبته للمشاركين في المؤتمر، بالجهود التي تبذلها المنظمة الأممية لحماية العمال من الاستغلال والاستعباد، وحماية العاملات من العنف والتحرش في أسواق العمل، ليصبح أكثر أماناً وتسوده العدالة والمساواة.
وأضاف، لكن عمال فلسطين، ما زالوا من أكثر عمال العالم تعرضاً للتهميش والحرمان، ومحرومين من التمتع بالأمن والعدالة، التي تنشدها نظم العمل الدولية وتشريعاته، لأنهم يعانون يومياً من الانتهاكات التي تمارس عليهم من قبل دولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تؤدي إلى حرمانهم من العمل اللائق والأمن، وزيادة عديد المتعطلين بينهم عن العمل؛ وقد أشار مدير عام منظمة العمل في تقاريره الدورية إلى ظاهرة البطالة في فلسطين وتعاظمها الخطر، وحذر من انعكاساتها المدمرة للاقتصاد والمجتمع الفلسطينيان، وخاصة في قطاع غزة.
وأوضح قائلاً، “إنه رغم المشوار الكبير الذي قطعته منظمة العمل الدولية المحفوف بالإنجازات إلا أن هناك تحديات وصعوبات تواجه منظمة العمل الدولية وعلى رأسها فلسطين الذي لا يزال شعبها وعمالها يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي بكل ارهاصاته وبكل فاشيته تجاه الشعب الفلسطيني”.
وأضاف، أنتم تعلمون بأنه تم رصد وتوثيق كل هذه الانتهاكات بتقرير المدير العام الذي نشكره وبعثته على ذلك، وقد صممت من أجل ذلك برامج لخدمة الطبقة العاملة ليتجاوزوا مخاطر الوصول الآمن إلى أماكن العمل، كما تم توقيع على اتفاق ما بين اطراف الانتاج اتفاقية العمل اللائق وذلك لاحقا لاتفاقية رقم (205) للعمالة التي تم اعتمادها بهذا المؤتمر.
ويكون ذلك اليوم السمة السائدة في فلسطين معدلات البطالة والفقر المرتفعة وخاصة بين سكان قطاع غزة الذين يعانون البطالة والحرب المدمرة عليهم دائما وابدا كما ذكر ذلك تقرير البنك الدولي، وما زالت الحواجز العسكرية الاسرائيلية تزداد في كل مناطق الضفة الغربية بشكل يومي، كما أشار مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) بأن هناك أكثر من (506) حواجز بين مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية، هذا عدا عن الحاجز الدائم والسور الدائم حول القدس عاصمة فلسطين.
وتلك الحواجز تسهم في تدمير البنية التحتية للتنمية الاقتصادية، وضعف عجلة نمو الاقتصاد الفلسطيني ليصبح اقتصاد هش ضعيف لا يقوى على تطوير السياسات الاقتصادية التي تسعى لاستعياب كل العمال الوافدة لسوق العمل الفلسطيني، ليزداد تباطؤ نمو الاقتصادي في فلسطين.
وتابع حديثه قائلاً: “أخاطبكم اليوم باسم كل فلسطيني يتجرع حسرات الألم والمعاناة، من استمرار الاحتلال الذي يضاعف تعقيدات الواقع الصعب، الذي يعمل في ظله عمالنا و عاملاتنا في فلسطين المحتلة، وهي حقائق تم عرض مقاطع كثيرة منها في تقارير بعثات تقصي الحقائق، المبتعثة إلى الأراضي العربية المحتلة عام 1967م من قبل منظمة العمل الدولية، ومنها سبيل المثال لا الحصر، ما يتعرض له العمال الفلسطينيين من ابتزاز من قبل سماسرة بيع تصاريح الدخول إلى (إسرائيل)؛ طلباً للعمل، وهي ظاهرة إجرامية وخارجة عن نطاق القانون، و منتهكة للاتفاقيات الموقعة بين فلسطين والجانب الإسرائيلي، وتلك انتهاكات لاتفاقيات منظمة العمل الدولية خاصة اتفاقية رقم (101) التي لا تجيز حصول العامل على فرصة عمل مقابل المال.
وانعدام العمل ضمن بيئة العمل اللائق فلا يحصل العمال في سوق العمل الإسرائيلي على الإطلاق على أي بيئة للعمل اللائق وخاصة التأمين الصحي، والأجور، والتلاعب بالأجور، وساعات العمل الطويلة.
ومعاناة العمال الذين يعملون داخل الأراضي المحتلة عام (1948) من المطاردة العسكرية القاتلة، والاعتقال التعسفي، بمشاركة الكلاب البوليسية وحتى الطائرات المسيرة، وأكيد جميعكم سمع عن ذلك والعديد من العمال فقدوا حياتهم بسبب هذه الانتهاكات المستمرة .
وعمليات التحرش التي تتعرض لها العاملات خاصة في المستعمرات والمستوطنات الإسرائيلية؛ والأخطر من كل ذلك قيام الحكومة الإسرائيلية بإنشاء صندوق توفير للعمال خاصة للعمال فلسطين الذين يعملون بالسوق الإسرائيلي دون الرجوع لا للعمال، ولا حتى للحكومة الفلسطينية بالرغم عن كل الاتفاقيات الموقعة، وهذا انتهاك صارخ لكل معايير العمل.
ومن الجدير بالذكر أن واقع المستوطنات المستشري بالأراضي الفلسطينية والذي أصبح مثل السرطان يأكل كل مقومات الحياة على أعين ومرأى العالم، ورغم كل ذلك نحن نعمل بكل جد في فلسطين كأطراف إنتاج من أجل تحسين واقعنا، وتعزيز صمودنا وصمود عمالنا و عاملاتنا داخل فلسطين، وذلك بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، إعداداً لورقة الموقف الوطني، وانشاء التحالف الوطني والمشاركة بالحوار الاجتماعي لتعديل قانون العمل الفلسطيني رقم 7 لعام 2000م.
واختتم سعد حديثه بالقول، “بأنه لا يمكن القضاء على الفقر، ولا يمكن أن تتم التنمية المستدامة طالما هذا الإحتلال باقي على صدورنا في فلسطين فليسقط الإحتلال، ولتقام الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، لكي ينعم عمالنا بالتنمية المستدامة والعدالة الإجتماعية والعمل اللائق”.