الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين

دراسات- واقع تواجد النساء العاملات في القطاعات والمهن

اعتماد أبو جلاله

تزداد أهمية مشاركة المرأة في المجال الاقتصادي بشكل مضاعف في فلسطين ، ويعود ذلك إلى ضعف الاقتصاد الفلسطيني وارتباطه بدولة الاحتلال من جهة، وإلى نسبة البطالة المرتفعة التي زادت في الاعوام ما بين 2000 – 2020 لتصل الى 52 % ، فقدد بلغ معدل البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة 40% مقابل 23% بين الرجال للعام 2020، في حين كان هذا المعدل 54% بين الشباب من حملة شهادة الدبلوم المتوسط فأعلى، بواقع 69% للإناث مقابل 39% للذكور.
الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع نسبة الفقر، لا سيما أن هناك 11% من الأسر في الضفة والقطاع تترأسها نساء بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وهذه الأسر هي الأكثر عرضة للفقر حيث قفزت معدلات الفقر من 40% في عام 2005 الى 56 % في عام 2020 ونصيب الاسرة لتي ترأسها مرأة من الفقر 19% في الضفة و54 %في غزة .
مشاركة المرأة في القوى العاملة تأتي تأكيدًا على حقها في المشاركة الفاعلة في الاقتصاد، وبالتالي تنعكس تأثيراتها الإيجابية على المجتمع بشكل مباشر، وتقلل من الضغط المجتمعي والاقتصادي. وقد لا يواجه خروج المرأة من المنزل لحاجة اقتصادية إشكالية كبيرة في المجتمع الفلسطيني، إذ نرى أن أكثر من نصف الفلسطينيين يعتبر أن عملها له مردود اقتصادي جيد على العائلة ، ولكن خروج المرأة في ظل ضعف الحماية القانونية والتشريعية والحاجة لسياسة حكومية مشددة وتدريجية، وتوعية مجتمعية يعرض المرأة للاستغلال من قبل أرباب العمل، وللمواجهة المنفردة مع المجتمع بأعرافه التي تقلل من قيمة مشاركة المرأة في العمل والحياة العامة.
فعلى الرغم من الجهود المبذولة، سواء كانت رسمية أو مجتمعية تجاه مشاركة المرأة الفلسطينية في القوى العاملة، إلا أن نتيجة هذه الجهود لم تنعكس على أرض الواقع، إذ لا تزال النسبة متدنية جدًا ، حيث انخفضت نسبة المشاركة لكل من النساء والرجال عام 2020 نتيجة جائحة كورونا مقارنة مع الأعوام السابقة، فقد بلغت نسبة مشاركة النساء في القوى العاملة 16% من مجمل النساء في سن العمل في العام 2020 بعد أن كانت النسبة 18% في العام 2019، مع العلم أن نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة بلغت 65% للعام 2020 مقارنة مع 70% للعام 2019.
ويظهر هنا وجود خلل في توزيع النساء على مختلف المهن حيث تضمن التصنيف العالمي للمهن 118 مهنة وجد أن 20 مهنة لم تمارسها النساء ، وحوالي 60 مهنة تضم اقل من 100 انثى ، وأكثر من 60 % من النساء اللواتي سبق لهن العمل صنفن في ست مهن تفصيلية وهي عاملات في التعليم الاساسي – عاملات في النسيج وصناعة الملابس – سكرتيرات وعاملات في التعليم الثانوي – سكرتيرات وعاملات بلوحات مفاتيح طباعة -مزارعات عاملات في رياض الاطفال ودور الحضانة.
وتبلغ نسبة النساء العاملات في فلسطين من مجموع القوى العاملة 21 %
ونسبة العاملات في القطاع الخاص 68%
نسبة العاملات في القطاع الغير منظم 32%
حوالي 30 منهن يحصلن على حقوقهن وهم من يعملن في المؤسسات الاهلية
90% من العاملات والعمال يعملون بنظام المياومة
بلغت نسبة الشباب العاملين في قطاع الخدمات (يشمل التعليم والصحة والعمل الاجتماعي والخدمات الادارية والخدمات المساندة)، 25% في العام 2018 (19% للذكور و67% اناث)
28% يعملون في قطاع التجارة والمطاعم والفنادق (30% للذكور و14% للاناث)
و20% في قطاع البناء والتشييد (23% للذكور و0.1% للاناث)
16% من الشباب العاملين يعملون في الصناعة (17% من الذكور و12% من بين الاناث العاملات)
كما بلغت نسبة العاملين في قطاع الزراعة 7% (8% للذكور و4% للاناث)
في حين بلغت نسبة العاملين في قطاع النقل والتخزين والاتصالات 5% (6% للذكور و4% للاناث).
نسبة العاملات في قطاع الصحة تبلغ 15%
وتحتل المرتبة الاولى العاملات في قطاع الخدمات العامة والتي تصل الى 67% ، ومن هنا نجد تمركز المرأة في قطاعات حيث أن العديد من النساء ما زلن يعملن في المهن التقليدية فقد بلغت نسبة العاملات المصنفات تحت بند الفنيون المتخصصون والمساعدون والكتبة 65% في الضفة ، 91.3 % في غزة .
نسبة العاملات في قطاع التعليم العام تبلغ 70 % كونه القطاع الانسب لتشغيل النساء ويعود ذلك ان ظروف العمل به تتلاءم مع المسؤوليات التي رسمها المجتمع لدور المرأة والذي يرتكز على رعاية الاسرة والاولاد وعدد ساعات العمل لذا نرى زيادة العاملات في قطاع التعليم العام لتمتعهم بالإجازات مدفوعة الاجر واجازات الامومة
اما قطاع التعليم الخاص المتمثل في المدارس الخاصة ورياض الاطفال ودور الحضانات يوجد في قطاع غزة حسب تقرير وزارة التربية والتعليم 353 روضة مرخصة تعمل بها 1615 معلمة ، ويبلغ عدد دور الحضانات الاجمالي 81 حضانة منها 31 مرخصة يعمل بها 193 عاملة ، ويعاني هذا القطاع من انتهاكات جسيمة خاصة تدني الاجور لتصل الى 200 شيكل شهريا للعاملة .أشارت بيانات مسح القوى العاملة 2020، أن نسبة مشاركة النساء ذوات الإعاقة في القوى العاملة في فلسطين بلغت 2% فقط من إجمالي النساء ذوات الإعاقة، مقابل 23% للرجال من إجمالي الرجال ذوي الإعاقة.

أشارت بيانات العام 2020 أن حوالي 28% من العاملين المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر والبالغ (1,450 شيقلاً)، حيث بلغت النسبة 29% للرجال، مقابل 25% للنساء.

23% من المستخدمات بأجر في القطاع الخاص يعملن دون عقد عمل، و62% يحصلن على مكافأة نهاية الخدمة، بالمقابل أكثر من نصف المستخدمات بأجر في القطاع الخاص (60%) يحصلن على إجازة أمومة مدفوعة الأجر وذلك للعام 2020.
ومن هنا نستنتج أن تركيز عمل المرأة على قطاع الخدمات والتجارة بشكل أكبر لعدم وجود فرص عمل مناسبة للنساء في القطاعات الاخرى ، وعدم القبول والتشجيع المجتمعي بشكل عام لعمل النساء في هذه القطاعات وتأثير الفصل الافقي القائم في سوق العمل على ضعف استفادة النساء من فرص النمو في القطاعات المختلفة مثل القيود المفروضة على التنقل والوصول وضعف الطلب على عمل المراة والافتقار الى الامان وضعف التنافسية في القطاعات التي تنشط فيها النساء مثل الحرف اليدوية والصناعات الغذائية .
وفي ظل دخول المرأة الى سوق العمل كعاملة ومنتجة الا انها لازالت تواجه التحديات والمعيقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ومنها :التقاليد والمعتقدات الاجتماعية خاصة المورثات الاجتماعية التي تركز على أن دور النساء ينحصر في الدور الإنجابي وإدارة أمور البيت .

الدور الإنجابي ودور الرعاية وازدواجية الأدوار، ونتيجة المورثات الاجتماعية التي تقلل من شأن المرأة ودورها الرعائي، لذا نرى أنها تنظر إلى نفسها بعدم ثقة بقدرتها على العمل في المجال العام، وبالتالي يقل وعي المرأة بذاتها وقدرتها وأهمية دورها .

نرى ان الكثير من جهود المرأة لا تحسب في الاحصاءات الرسمية التي تعترف غالبا بانواع محددة من النشاطات الاقتصادية ذات المردود النقدي ،كما أن نتائج مسوح القوى العاملة اثبتت ان ا ، والنساء اللواتي ينخرطن في سوق العمل يخرجن منه بسرعة متناهية بسبب الزواج أو انجاب طفلهن الاول نتيجة ضعف منظومة الرعاية التي تتوفر لهن بعد الولادة من جهة وضعف التزام أصحاب العمل بتطبيق قانون العمل الذي يضمن تطبيق الحد الادنى من حقوق اجازات الامومة والرضاعة والرعاية للنساء ، والنقص في مرافق الحماية والرعاية الاجتماعية ، والعبء الغير متناسب على عاتق المرأة من المسؤوليات .

غياب تطبيق القوانين والتشريعات واستراتيجية التشغيل والخطط والسياسات الحكومية التي تتعزز تمكين المرأة الاقتصادي ومنع التمييز والحوار الاجتماعي بين أطراف الانتاج ، والعمل على ادخال تعديلات على قانون العمل والتصديق على اتفاقية 190 للقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل لتوفير بيئة عمل آمنة للعاملات .

غياب دور الحكومة في توفير دور الحضانة للأطفال ودور الرعاية المسنين بأجر زهيد مما زاد من ضغط العمل الواقع على المرأة داخل المنزل وخارجه. ويلاحظ بأن أكثر من نصف النساء غير مشاركات في القوى العاملة نتيجة للأعمال المنزلية

التخصص والتدريب المهني فقد حصر المجتمع الفلسطيني مجالات العمل التي باستطاعة المرأة الفلسطينية دخولها مسبقًا، كالتعليم والتمريض على سبيل المثال، لذلك نرى الفتيات بشكل عام يتجهن نحو التعليم الأكاديمي بنسبة تتجاوز 95% وغالبيتهن يتركزن بفرع العلوم الإنسانية، أما الفرع الصناعي مثلا فلا تتجاوز نسبته 8%، والفرع المهني 5% بالإضافة إلى موضوع التدريب المهني وتقليديته وعدم توجه الفتيات إلا إلى مجالات محددة مسبقًا، لذلك حصل انخفاض في الطلب على عمل النساء في السوق الفلسطيني، عدا عن وجود فائض في التخصص بين الخريجين والخريجات بنسبة 90%.

المواصلات ومكان السكن حيث تتركز الوظائف والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية في المدن الرئيسة، التي لا تشجع المرأة على الانتقال إلى أماكن بعيدة عن مكان السكن .

المعوقات الاقتصادية وتردي الاوضاع الاقتصادية بسبب الاحتلال والانقسام والسياسات الاقتصادية التي لم تحاول دعم قطاعات مهمة كقطاع الزراعة، مقابل تركز العديد من النساء في العمل في هذا القطاع الحيوي المهم والمهمش ، كما يعاني المنتج المحلي من قلة الدعم، ما أدى إلى ضعف القطاع الاقتصادي وصغره؛ وبالتالي قلة فرص العمل بشكل عام، وضعف استيعاب العمالة، والتركيز على الرجل باعتباره أكثر أهمية كونه المعيل الأساسي للأسرة.
التوصيات :

ادخال تعديلات على قانون العمل من منظور النوع الاجتماعي من جانب وتحفيز الإجراءات العملية لمشاركة المرأة من جانب اخر .

اتخاذ اجراءات لازمة لجسر الفجوة في الاجور بين الرجال والنساء بتطبيق الحد الادنى للأجور بدون تمييز بين العاملين على اساس الجنس .

المصادقة على اتفاقية 190 للقضاء على العنف و التحرش في عالم العمل

مراعاة المسؤوليات العائلية من خلال دعم دور الحضانة ودور المسنين ، وتوفيرها بتكلفة زهيدة من قبل الحكومة..

المساهمة في تحفيز القطاع الخاص على توظيف النساء، وتوفير فرص عمل بشكل جزئي من خلال تقليل الضرائب عليه عند توظيف عدد معين من النساء وتوفير الشروط الملائمة لعملهن، بالإضافة إلى وجود حاجة لتدريب النساء على استخدم التكنولوجيا في العمل حتى تستطيع التواصل مع العمل بشكل جيد ومثمر.

توسيع أماكن فرص العمل بما يخص إنشاء مدن صناعية في المحافظات .

عدم تركيز تعليم المرأة على المهن التقليدية مثل قطاع الخدمات والصحة والتعليم وليس في القطاعات الأكثر تطوراً وأكثر طلبا في سوق العمل والغير تقليدية كالعمل المنزلي والعمل عن بعد وانشاء المشاريع الصغير ومتناهي الصغر وانشاء الجمعيات التعاونية .

التركيز على التدريب المهني وزيادة التخصصات الجامعية التي تدخلها النساء وأهمية ربط التخصصات بسوق العمل الأمر الذي يوسّع فرص النساء في المشاركة.

توحيد جهود الوزارات ومؤسسات المجتمع المدني في اعداد دراسات وبحوث واوراق حقائق خاصة بأوضاع وواقع النساء العاملات.

(*) عضو اللجنة التنفيذية في اتحاد نقابات عمال فلسطين

اقرأ أيضا