برلين – شارك “شاهر سعد” أمين عام اتحاد نقابات عمال فلسطين، في الدورة الخامسة عشر للاتحاد الأوروبي لنقابات العمال ETUC، للاحتفال بالذكرى الخمسون لتأسيس الاتحاد العمالي الأبرز على مستوى القارة الأوروبية، الذي سيتواصل على مدار ثلاثة أيام من 23 إلى 26 أيار 2023م في العاصمة الألمانية برلين.
وهو مؤتمر دوري مهم وجامع لنقابات واتحادات عمال أوروبا، ويعقد كل 4 سنوات مرة واحدة، ويشارك فيه 93 اتحاداً عمالياً من 41 دولة أوروبية، و 10 اتحادات نقابية أوروبية تمثل أكثر من 45 مليون عامل.
واستهل الزعيم العمالي الفلسطيني الأبرز، كلمة أمام الحضور، بالقول: “اسمحوا لي أن أبلغكم تحيات عمال وعاملات فلسطين، شاكراً لكم في الوقت نفسه اتاحة هذه الفرصة لي لأحدثكم عن معاناتهم، يكابدون يومياً ويلات التدابير والإجراءات الإسرائيلية الظالمة، و المبددة للحرية والعدالة والمساوة، والمعززة لضروب وأنماط العنصرية والكراهية والبغضاء”.
بعد أن تحولت (إسرائيل) بكاملها تحت قيادة حكومة أقصى اليمين المتطرف، إلى دفيئة وحاضنة للعنصرية والإرهاب وعنف المستوطنين المنفلت من عقاله.
وتابع حديثه قائلاً: “وقد شاهد العديد من أعضاء هذا المؤتمر الموقر بعضاً من قطع العذاب التي يعاني ويلاتها عمالنا و عاملاتنا في المستعمرات الإسرائيلية غير الشرعية، وعلى الحواجز العسكرية وفي سوق العمل الإسرائيلي الظالم، وتحول ضيوف فلسطين من زوار إلى شهود على تلك الجرائم والانتهاكات، بعد أن أبدوا ما يلزم من مشاعر التضامن والتعاطف المقدرة والمشكورة مع عمالنا وشعبنا.
ولم يعد – أضاف سعد قائلاً – يختلف أي اثنين في هذا العالم على أن الاحتلال الأجنبي لأراضي الآخرين هو مصيبة البشرية جمعاء و طاعونها الأسود الذي لا مفر من عزله واقتلاعه من جذوره.
وذلك بدءاً من التنديد باستمراره، على غرار التنديد العالمي بالاحتلال الروسي للأراضي الأوكرانية، لكي تُبقي الإنسانية على أخلاقية معايرها وهي تحاكم الأشياء المتشابهة التي تتحرك حولنا، متوخية أقصى درجات الحذر من الكيل بمكيالين إزاء القضايا المتماثلة، خشية من اقتراف الجميع لخطيئة مناصرة الظالم على المظلوم، وتأييد الباطل على حساب الحق.
فإذا كان من شىء على وجهة الأرض يستحق الإدانة والنبذ والتنديد، فهو استمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ذلك الاحتلال الذي يدفع شعبنا المجرد من أي سلاح كلفة وجوده وتوحشه؛ وكبح جماح شهوته المنفلتة في لعق دماء الأبرياء وإزهاق أرواحهم.
فمنذ بداية العام الحالي 2023م، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين 172 شهيداً من شبابنا، آخرهم العامل “عبد الله أبو جبه” الذي ارتقى شهيداً بسبب قصف الطائرات الإسرائيلية لمكان عمله في حقله في قطاع غزة، وهو متزوج وأب لستة أطفال، تتراوح أعمارهم بين رضيع و11 عاما، كما أصيب شقيقه “حمد ابو جبه” بجروح خطيرة في الهجوم نفسه.
كما تحتجز دولة الاحتلال الإسرائيلي في معتقلاتها أكثر من (4900) أسير من بينهم (31) أسيرة، و(160) طفلًا بينهم طفلة، تقل أعمارهم عن (18) عامًا، إضافة إلى (1000) معتقل إداريّ بينهم (6) أطفال.
وأضاف، فلو كان لهذا المجتمع الدولي أي إرادة؛ لجلب دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى منصة المساءلة، بعد قتلها للصحفية “شرين أبو عاقلة”، ومنحها ما تستحق من عقوبات زاجرة، كونها دولة مارقة استمرأت الخروج على القانون، وكسر هيبته أمام الملأ وفي رابعة النهار.
وأضاف، لهذا فإن المجتمع الدولي، وانتم تمثلون قلبه النابض، مطالب وبدون تأخير بالاعتراف الفوري بحق شعبنا في تقرير مصيره، دون ربط تجسيد هذا الحق بنتيجة المفاوضات السياسية؛ غير القائمة أصلاً، وتمكينه من إقامة دولته المستقلة فوق كامل الأراضي التي احتلت عام 1967م، وذلك تنفيذاً وامتثالاً لقرارات الشرعية الدولية بالخصوص.
ودعوة المحتل الإسرائيلي لمغادرة أراضينا بما في ذلك تفكيك مستعمراته وجدار عزله وضمه واستحواذه على أراضي وممتلكات أبناء شعبنا، وهذا لن يتحقق إلا بدعم وثيق من حكوماتكم ومجتمعاتكم الحرة، المؤيدة بفطرتها للحق والعدالة والمساواة، وذلك استكمالاً وبناء على مبادرة ITUC– ETUC، الداعية إلى الاعتراف بدولة فلسطين.
إلى ذلك، صوت المشاركون في المؤتمر في أعقاب كلمة الزعيم العمالي الفلسطيني “شاهر سعد” على مجموعة قرارات مهمة لصالح فلسطين، ومنها: مقاطعة بضائع المستعمرات الإسرائيلية، لعدم قانونية تلك المستعمرات، ودعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، قابلة وقادرة على الحياة ومترابطة جغرافياً، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما دعا ETUC إلى اتخاذ تدابير تنظيمية، تمنع الكيانات القانونية للاتحاد الأوروبي من استيراد المنتجات التي نشأت في المستوطنات غير القانونية أو التصدير إليها، أو مساعدة وتسهيل مثل هذه المواقف غير القانونية، بما يتوافق مع معاهدات الاتحاد الأوروبي والامتثال للقانون الدولي.
كما طالب المشاركون في المؤتمر دول الاتحاد الأوروبي، بضمان احترام النطاق الجغرافي لاتفاقيات الشراكة الخاصة به؛ والنظر إلى تأثير ذلك على العمال عند فرض العقوبات والحصار.
وأكد المشاركون في المؤتمر على ضرورة التوصل إلى اتفاق تفاوضي بين إسرائيل وفلسطين من شأنه أن يؤدي إلى تطبيق حل الدولتين، وإرساء حل سلمي دائم، يجسد التضامن والعدالة والحقوق المشروعة لكلا الشعبين في التعايش في أمن واستقلال وسيادة دولتين.